مسألة: هل تضعيف الصلاة خاص بمسجد الكعبة أم يعم الحرم كله؟
المقال
مسألة: هل تضعيف الصلاة خاص بمسجد الكعبة أم يعم الحرم كله؟
مسألة:
هل تضعيف الصلاة خاص بمسجد الكعبة أم يعم الحرم كله؟
الحمدلله، وبعد:
فإن هذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم قديمًا وحديثًا ولهم في ذلك سبعة أقوال كما ذكر ذلك الزركشي فقال: يتحصل في المراد بالمسجد الحرام الذي تضاعف فيه الصلاة سبعة أقوال:
الأول: أنه المكان الذي يحرم على الجنب الإقامة فيه.
الثاني: أنه مكة.
الثالث: أنه الحرم كله إلى الحدود الفارقة بين الحل والحرم، قاله عطاء وقد سبق مثله عن الماوردي وغيره، وقال الروياني: فضل الحرم على سائر البقاع فرخص في الصلاة فيه في جميع الأوقات لفضيلة البقعة وحيازة الثواب المضاعف، وقال الزركشي: وهذا فيه تصريح بهذا القول.
الرابع: أنه الكعبة، قال الزركشي وهو أبعدها.
الخامس: أنه الكعبة والمسجد حولها، وهو الذي قاله النووي في استقبال القبلة.
السادس: أنه جميع الحرم وعرفة، قاله ابن حزم.
السابع: أنه الكعبة وما في الحجر من البيت، وهو قول صاحب البيان من أصحاب الشافعية. وحكى المحب الطبري خلاف الفقهاء في مكان المضاعفة بالنسبة إلى الصلاة، ورجّح أن المضاعفة تختص بمسجد الجماعة" اهـ باختصار.
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (٣/٣٠٣) في الكلام على قصة الحديبية: "وروى الإمام أحمد في هذه القصة أن النبي ﷺ كان يُصلِّي في الحرم، وهو مضطرب [أي : مقيم] في الحِل، وفى هذا كالدّلالة على أن مضاعفةَ الصلاة بمكة تتعلق بجميع الحرم لا يخصُّ بها المسجد الذي هو مكانُ الطواف، وأن قوله: "صَلاَةٌ في المَسْجِدِ الحَرَام أَفْضَلُ مِنْ مِائة صَلاةٍ في مسجدي"، كقوله تعالى: (فَلا يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ)، وقوله تعالى: (سُبْحَانَ الذي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ )، وكان الإسراء مِن بيت أُم هانئ" اهـ .
ولكن أُجيبَ عن هذا الاستدلال بجوابين:
الأول: أن الحديث ضعيف.
والثاني: إن صح الحديث فإنه يدل على أن الصلاة في الحرم أفضل، ولكن لا يدل على أنها خير من مائة ألف صلاة.
قال ابن مفلح رحمه الله: "وظاهر كلامهم في المسجد الحرام أنه نفس المسجد، ومع هذا فالحرم أفضل من الحل، فالصلاة فيه أفضل، ولهذا ذكر في المنتقى قصة الحديبية من رواية أحمد والبخاري، ثم ذكر رواية انفرد بها أحمد، قال: وفيه "كان رسول الله ﷺ يصلي في الحرم وهو مضطرب في الحل"، وهذه الرواية من رواية ابن إسحاق عن الزهري وابن إسحاق مدلس" انتهى من "الفروع" (١/٦٠٠).
وقال في "الآداب الشرعية" (٣/٤٢٩): "وهذه المضاعفة تختص بالمسجد على ظاهر الخبر، وقول العلماء من أصحابنا وغيرهم" اهـ.
(ويُنظر: المجموع) (٣/١٩٧)، (تحفة المحتاج) (٣/٤٦٦)، (فتاوى اللجنة الدائمة) (٦/٢٢٣) ، (فتاوى الشيخ ابن باز) (٤/١٣٠).
والراجح هو القول الأول، وهو اختصاص المضاعفة بالمسجد الذي فيه الكعبة؛ لما روى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إنّ امرأةً اشتكت شكوى فقالت: إنْ شفاني الله لأخرجنّ فلأصليّنّ في بيت المقدس، فبرأتْ ثم تجهزت تريد الخروج فجاءت ميمونة زوج النبي ﷺ تسلّم عليها فأخبرتها ذلك، فقالت: اجلسي فكُلي ما صنعت، وصلّي في مسجد الرسول ﷺ فإني سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: "صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة".
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله ﷺ قال: "إنما يسافَر إلى ثلاثة مساجد مسجد الكعبة ومسجدي ومسجد إيلياء".
وهذا نص في أن المراد بالمسجد الحرام في هذين الحديثين هو المسجد الذي فيه الكعبة، لا عموم مكة أو الحرم.
والله أعلم.
جمعه وأعدّه
فهد بن إبراهيم الجمعة
التعليقات : 0 تعليق
روابط ذات صلة
المقال السابق
| المقالات المتشابهة | المقال التالي
|
جديد المقالات
القائمة الرئيسية
احصائية الزوار
التواجد الآن
يتصفح الموقع حالياً 10
تفاصيل المتواجدون
تصميم وتطوير كنون